الملاك لينا شماميان
مع منتدى عشاق لينا شماميان
الجزء الأول من اللقاء:
الإعلامي عادة على الحيادية فيما يقدّم، والإكتفاء بفتح نافذة للقارئ أو
المتلقي ليطلّ عليها ويرى ويحكم بنفسه دون أي تأثيرٍ أو توجيه؛ أوافق هذا
المذهب إن كان في السياسة والاقتصاد وغيره مما يستوجب الدقة والأمانة في
النقل المصدري والخبري؛ ولكني أعارضه بشدة في ما يتعلق بعلم الجمال،
المسرح والموسيقا والشعر والغناء والنحت والتشكيل والسينما، فكيف يمكن لنا
أن نحاور شاعرٍ مثلاً ومشاعرنا حيال قصائده حيادية؟!. أسوق هذا لأبرر
انحيازي وعشقي وانتمائي لما تقدّمه المغنية لينا شاماميان من غناءٍ أستطيع
بكل جرأة أن أقول أنه منفرد وخاص بها وحدها؛ وهي إذ تعيد التراث من خلال
موسيقى الجاز الشرقي، يشاركها ذلك آخرون، إنما خصوصية لينا تتمثل بصوتها
وخامته الأوبرالية التي تضفي بعدًا صوفيًا على ما تغني، الأمر الذي جاء
ربما من إجادتها غناء التراتيل الدينية.
لينا شاماميان مغنية سورية
حازت على العديد من الجوائز في عدة مسابقات غنائية عربية؛ غدت اليوم من
أهم الوجوه الموسيقية السورية وفي وقتٍ قياسي، إيلاف التقتها في هذا
الحوار:
• كيف تقدم لينا شاماميان نفسها على الصعيد الإنساني والموسيقي؟ـ
أقدم نفسي كما هي بكل ما فيها من تناقضات وعفوية وحزن وجنون... إنسانيًا
وموسيقيًا كوني أرى الموسيقى جانبًا ملتحمًا مع الإنسانية، وأؤمن أن
الموسيقى وبخاصة الحيّة منها على المسرح تجرّد الفنان من كل أقنعته وزيفه؛
ربما تجد الكثير من الحزن في موسيقاي، في حين تجد الكثير من الفرح في
حياتي... لذا لا يتكامل تعريفي كإنسان إلا حين تلمس الجانبين.
•متى تعتبرين أنك بدأت بداية موسيقية فعلية، متى قلت لنفسك لم يعد بمقدوري العودة؟
بدأت حين كنت على وشك الانتهاء!؛ كنت قد تخرجت من كلية الاقتصاد، وتخيلت
نفسي عجوزًا تنظر للخلف وتحاسب حياتها على ما أنقذته من أحلام ...أدركت أن
ذلك شغفي الذي لن أسامح نفسي إن لم أسع بحقٍ لتحقيقه... وبكل بساطة،
استجبت لندائي الداخلي وتقدمت لامتحان القبول في المعهد العالي للموسيقى
بدمشق، عندها... لم أكن أخطط لأحلام كبيرة، كنت مكتفية بتعلم أصول الغناء
والموسيقى كوني درست الغناء الكلاسيكي لعدم توفر إمكانية تعلم موسيقى
الجاز في المعهد، ولكنني مع الوقت أدركت أن الغناء حياة متى دخلتها أصابك
جمالها بلعنة تعجز بعدها عن الانسلاخ عنها، ذلك لأنها تساعدك في اكتشاف
عوالمك الداخلية، لا وبل إخراجها ومشاركتها على الملأ، وكان هذا بالنسبة
إلي أقوى من أن أقاومه، فقررت الانجراف!.
• ماذا يعني أن تكوني أرمنية موسيقيًا وإنسانيًا، بم تحدثيني عن هذه الخصوصية وهل أثراك ذلك وكيف انعكس على موسيقاك؟
أن أكون أرمنية علّمني أن أتنفس الألم، لا أدري لم، ربما هو شيء نحمله
بالجينات، ربما هي الغربة الدائمة أو الحنين أو الحسرة، وهذا يتمثل بقوة
في الموسيقا الأرمنية، وحتى بصوت آلة الدودوك المميزة للموسيقى الأرمنية،
والتي تعلمت منها أيضًا جمالية تواجد الهارموني في الموسيقى الشرقية. أنا
من الأرمن المولودين في دمشق التي أعشقها بحق، وأمي دمشقية، لذا أضافت
عروبتي إلى الكثير إنسانيًا وموسيقيًا (ربما هذا هو السبب في عشقي لمقام
الحجاز).
•منذ بداية مشوارك الفني الفعلي، وأنت تحصدين الجوائزوتخطفين الأبصار، وفي فترة وجيزة نسبيًا أصبحت من أهم مغنيات سوريا، إلام
يعود ذلك؟ـ بحقّ؟؟!...لا أدري؛ أعتقد أننا نبخس من سعادة نجاحنا
الكثير إن حاولنا منطقتها!، عوامل النجاح لا تعدّ أو تصنّف، هي ببساطة
تفاعل بين الدوافع الداخلية والظروف الخارجية. لدينا في سورية العديد من
الأصوات المهمة بصدق، ولكننا نفتقر للمشاريع، ربما هذا ما حقق الموازنة،
بالإضافة للظروف الخاصة التي باركت المشروع منذ البداية، مثل الجرأة
والاختيار الصحيح للشركاء والتسويق، وبالتأكيد ساعدتنا كثيرًا محبة
المتلقي للطروحات الموسيقية التي نطرحها.
• هل ترين أن تكنيك تقديم
التراث من خلال الجاز الشرقي الموسيقي هو تكنيك طويل الأمد، وهل هو طرحك
النهائي أم أن هنالك طروحات موسيقية أخرى تفكرين بها؟ـ لو لم أؤمن
بهذا الطرح منذ البداية لحققت شهرة أوسع..الجاز هو موسيقى حرية، والموسيقى
بشكل عام هي أداة من أدوات الحرية، ومن ثم أنا لا أقدم الجاز بشكله
التقليدي، بل وأتّهم بابتداع خطٍ جديدٍ غنائياً وموسيقياً، وكما نعلم فإن
للموسيقى عناصرٌ ثلاثة: اللحن والهارموني والإيقاع، وفي الموسيقى الشرقية
الكلاسيكية يتم تجاوز الهارموني وهو اللحن المرافق للحن الأساسي، وكانت
الفكرة هنا هي إعادة تقديم هذا العنصر مع الألحان الشرقية بما يفعل الطرح
الموسيقي العالمي عربياً، وتسهيل الطرح الشرقي عالمياً.
وبالتأكيد هي
ليست الصيغة النهائية لأن الموسيقى تتصاعد بما يتناسب مع حكمة الحياة
..وما دمت أتعلم، وأعايش تجارب حياتية جديدة سيتجدد طرحي الموسيقي ضمن هذا
الإطار الذي أراه طويل الأمد.
• قدّمت سوريا للغناء الكلاسيكي
العديد من الأسماء الهامة على الصعيد العالمي مثل لبانة قنطار وتالار
دكرمنجيان، من أين يستمد هذا النوع من الغناء حضوره في سوريا؟ـ ربما
لأن الدراسة الأكاديمية للغناء في سورية كانت محصورة بالغناء الكلاسيكي
فقط، وهو حال أغلب المغنيات هنا، ولكن سورية فعلاً زاخرة بالأصوات الجميلة
بشهادة الجميع ...لا أدري لم ..ربما بسبب (الميّ) المياه يعني!.
•ولكن على الرغم من ذلك، تكاد تكون سورية دون مشاريع موسيقية واضحة المعالم؟
بصراحة، لا أفضل أن أتكلم عن تجارب الآخرين لإنني لست بمكانهم ولا أعرف
ماذا يخططون، عني..حاولت جهدي ألا أشبههم على أن هنالك الكثير من
الموهوبين والناجحين ولكن كسمة عامة، قد يكون كلامك قريب من الواقع إذ إن
معظم هؤلاء أكتفى بشهاجة وإجازة الغناء وحصر نفسه بقالب يضمن جودة الغناء
دون مشاريع، وآولئك ظلموا أنفسهم كثيرًا. لا أريد أن أحكم من بعيد ..ولكن
على الرغم من دراستي الغناء الكلاسيكي... ما زلت لا أجد تعريفاً للمؤدي
المتميز، وهل الأداء المتميز كافٍ ليسمى ذلك المؤدي موسيقي؟ ...هل أعيش
موسيقاي فقط من خلال التنفيذ المتقن لأعمال الآخرين...أم أعيشه من خلال
طرحي الجديد لعالم معاش..لست أكيدة، ولكنني اخترت أن أطرح مشروعي الخاص.
ع موج البحر
عدل سابقا من قبل ع موج البحر في الأحد أغسطس 29, 2010 3:51 am عدل 1 مرات